أقرأ في تاريخ حروب أوروبا منذ شهر لسبب يعنيني، وقفت (مما أدهشني) عند إن حزب هتلر أصلا بدأ شيوعي اشتراكي وانا اللي كنت فاكراه مالوش في الأحزاب قبل النازية. ثقة الجهل وحشة.
ولاقيت ان اللي بدع فكرة التطهير البشري كان طبيب، وكان بيناشد العالم في كتابه بقتل رحيم للمرضى، وكبار السن، والمعاقين ذهنيا وبدنيا ونفسيا ممن لا يُرجى شفائهم، ومن ثم انضم له صحفي ومحامي. صحفي.. ومحامي.. وقام الحزب.
صحيح ما قامش على أساس التطهير في الدرجة الأولى، إنما التطهير أحد أحلامه، أو أفكاره المتبناة كعمل صارم، ضروري، ونتايجه ثورية وناجحة.
تواريخ عمليات التصفية العرقية التي قام بها الحزب النازي من معسكرات وغرف غاز وأفران حرق، بل وعمليات وتجارب طبية جراحية على المحتجزين كمحاولات أولى لزرع الأعضاء، اختبار طرق الموت، الزج بعشرات الآلاف من البشر لخدمة هدف علاجي أو تسليحي لاثبات صحة فرضيات من عدمها. وهو الأمر المحتاج لوقت رهيب، وبال طويل، وجيش كامل من جند التجميع والقبض والقتل، وأطبا التجربة والتدوين والفحص، التواريخ دي مزامنة تماما لأول أربع سنوات من الحرب العالمية التانية، واللي كان فيها المحور منتصر تقريبا وعدد جنوده أكبر من قوى الحلفاء جمعاء.
كان بيعملها ازاي؟
ألمانيا هتلر بالتنظيم والحسابات والعلم والتسليح كانت جبارة، معظم شعبه كان وراه، مؤمن بيه.
هتلر كان شخصية معقدة جدا ومجنونة لدرجة انه ممكن يتبنى هذا النوع من العنصرية بسهولة، الأمر منطقي بالنسبة لي، بس فيه كذبة كبيرة "حرق اليهود بس"، أو إن سبب الاضطهاد كان ديني.. لأ.. دا حرق مسيحيين كمان وألمان، بحجة المعارضة أو المثلية أو اللصوصية أو كبر السن أو الاعاقة.. أو التخليط ، يعني الأبيض الألماني اللي أمه يهودية أو غجرية أو من شهود يهوه.. أو من أي عرق إنساني آخر، كان عايز جنس آري صافي، سليم، وفي سن متوسطة..
مع ملحوظة أن هذا ما قرأته من المصادر المكتوبة بالعربية، دراسات وترجمات، لا أدعي علما شاملا، إنما معظمها ذكر إن الحرق في الأفران كان يحدث للجثث، بعد القتل في غرف الغاز، وليس للأحياء. جولة القتل في الوقت كانت تبلغ عشرين دقيقة لتسريع عمليات التخلص منهم عشان يفوقوا للخطوة الجاية..
لكن هل بانتحار هتلر وهزيمة ألمانيا هل انتهى حلم العرق الذكي المتفوق الفلتة؟
هتلر كان كابوس، بس للأسف مش آخر الجبابرة ولا أولهم ولا أسوأهم، الفكرة إنه كان أوضحهم، أكثرهم اتساقا مع فكره الطموح الإجرامي، قتل في سبيل حلمه بتنقية العرق ما يقرب من 10 مليون بني آدم (والعدد قابل للجدل لأنه مختلف عليه حتى الآن)، غير اللي ماتوا في الحرب، لكن هل بعده العالم بقى أنضف؟
لسة بندور في حلقة مفرغة من الأطماع والسادية والعنصرية والحقارة لكن بوجهين، بابتسامة حتى لا يُسمع للضحايا عويل، فا تستمر الوحشية لكن يطلع السادة اصحاب الفلوس والسلاح والقرار بيلمعوا من كتر النعمة في التلفزيونات يبيعوا لنا أحلام الحرية والمساواة والمهلبية بجوز الهند والزبيب.
.jpeg)