مراجعة دكتر ماهر نخلة



العزيزة: داليا امين أصلان...
انتهيت من المختلط منذ أيام و تلكأت في الكتابة إليك حتى يزول الحال الذي كنته عندما فرغت من القراءة..... حال يصعب وصفه.....
سألتني زوجتي: مالك؟
-الرواية.....
-مالها؟
-مزعجة بنت كلب...... حية قوي.... لو مديتي ايدك ها تلمسي الأشخاص..... و تشمي ريحة البيوت.....
تلك (يا داليا امين اصلان) هي الحالة التى أتحدث عنها..... و لا اعرف لها اسماً و لا وصفاً جميلاً كان أم موجعاً..... ذلك أنها تخطت الاستمتاع بعمل أدبي الي التماهي معه..... و إسقاط ما يقرأ على التاريخ الشخصي...... فمن منا (أهل المنصورة) لم يكن في حياته ود و مصطفى و صلاح و شهدي.... بل إن جدي لأبي لا نعلم أصلاً لاسم عائلته الغريب و لا من أين جاءوا!
جعلتِ الأماكن حية على الرغم من أنك تكتبين عن منصورة العشرينيات التى لم نرها و لا هي موثقة بشكل جيد.... و بدلا من أن احسبها عليك و انا قارئ متربص دائما بالكاتب، وجدت نفسي انسج خيالا و تصورت أن قصر سيرافينو هو القصر الأحمر المهجور في أول المختلط..... و بحثت فيما تبقى من ذاكرتي للمكان عن صيدلية شهدي هناك و لولا الخجل لأرسلت أسأل جاري الصيدلي العجوز إن كان يعرف صيدلانيا بتلك المواصفات هناك...... تداخل العالمان.


إلا أن أكثر ما أحببته هو انك كتبت رواية ليست ما بعد حداثية..... ليس فيها عوالم غامضة و لا متاهات سردية و لا أشباح تروي.... و لا رواية من داخل رواية..... و لا مصائر غير معروفة و لا مفهومة...... انتي (داليا امين اصلان ) كتبت رواية (مع احترامي لتقنيات الكتابة الأخرى).... في زمن أصبحت قيمة العمل فيه مرتبطة بالضرورة بصعوبة قرائتها و احارة القارئ عما يود الكاتب ايصاله.... فإذا سألتيه(الكاتب) ها يقول لك معرفش.... اصل مش انا اللي بحدد أحداثها و لا مصائر شخصيتها! هي الكتابة الحداثية و ما بعدها كده...... فا تقولي: متشكرين يا عم و تمشي.
البطل الحقيقي في روايتك هو السرد..... الذي تخطى كل العقبات و الحدود التي يمكن أن تعوقه عن الوصف..... قدرة هائلة على التعريف بأشخاص عالمك الروائي بعددهم الكبير و سماتهم و شخصياتهم و اداءاتهم ..... ثم سرد للاحداث بسلاسة و تمايز لا يصيب بملل او حيرة...... و قدرة أكبر على اختزال الأزمنة أحيانا و دمجها أحيانا أخرى لتتقاطع الازمنة و معها المصائر.
داليا امين اصلان: انا لست ناقدا و لا ينبغى لي ان اكون. انا مجرد قارئ احببت ان اقول لك رأيي....
في انتظار الجزء الثاني من المختلط..... الذي اتمنى ان يكون (للمكان) بتفاصيله دورا اكثر في الاحداث.... و لعلنا يوما نلتقى لترسمي لى خريطة تبين الخطوط بين الواقع و الخيال في الرواية.