هل تعلمون أنني حين فتحت خزانة ملابسي الليلة شعرت بالرضا السعيد؟. لأنني اقتنيت ما يكفيني من الغرائبيات لهذا الشتاء.
أنا امرأة لم تبحث يوما عن ضوء الاهتمام، ولا حتى بمظهري. أن تكون عاديا، مرتاحا، غير ملفت، تلك جنة مسحورة، لا يعرف طريقها إلا مريدوها، أمثالي.
بخزانتي ملابس تخصني، وأمشاط، وكتب، ورسائل، وأقراط، ونظارات، عمرها تجاوز الربع قرن. احتفظتُ بها مغلفة مرتبة، أو معلقة ممسدة وحية فقط لأمتلك اللحظة الأخيرة. لأثبت للتاريخ أن ما بذاكرتي حقيقة، نعم لقد كنتُ شاهدة على كل شيء شاهدته، و أرتدي الدليل.
يعجبني أن وزني مذ حينها لم يتغير.
بخزانتي كنزات، وأقلام، ومناديل قماشية، ومراوح يد، وعلب حلوى، لموتى .. بعضهم أعرفه، وبعضهم سمعت عنه.. أكلم بعض تلك الأغراض، أعاتبهم، أقص عنهم .. وبعضهم يفاجئني بوجوده، فأقرأ الفاتحة. بعضهم انتزعته من ذويه بالإلحاح، أو بنظرة. بعضهم أتاني سعيا، أو رميا، أو اشتريته بمالي، وكامل قواي العقلية. ارتديهم بشعور من يعيد صديقا للحياة، وفي أكثر مكان يضج بالحياة، صالة الألعاب.
اشتريتُ هذا الشتاء معاطف كم حلمت باقتناءها، وأوشحة، وأغطية رأس بألوان لم يسبق أن جربتها من قبل. اقتنيت حقائب يد كبيرة وصغيرة محبوكة بوردات من الصوف. وأحذية حمراء وزرقاء وعاجية. غدا سأرحل، وسأمتن للدنيا لأنني حظيت بتلك المباهج السرية، اللطيفة.
أنهيت الحوار القصير، العميق، حول الترميم، وإعادة بناء تواريخنا العائلية، والمكان، مع ذلك الصحفي. أغلقتُ حاسوبي، وخزانتي، وطويتُ قصصي تحت الإيشارب الذي أهدته لي صديقتي ذات فرح، نظرتُ لأصابعي الباردة الفارغة، ترى هل رويت للعالم ما يكفي ليتذكرني بكلمة؟ بعلامة؟ وانتبهي إلى أنكِ تخليتِ عن المظهر من البداية.
حسنا وجدتني أخبر أبنائي بأنني سأستمتع بأسراري الحلوة الآن، وأن يحسنوا التصرف بالخزانة بعد رحيلي ..
أن يمنحوا منها، عني، مَن يشبهني، ما يشبهه.