ذكريات غير ناعمة تُسرد بنعومة، حتى صوته وهو يقرأ شيئا من فصول كتابه، ويكتب رسائله، كان هادئا، رغم أن المروي ثورة..
للمرة الأولى التي تعيش فيها مخيلتي، بالمعلومات وتوثيق التجربة، داخل شخص مكتئب. مكتئب لطيف، موضوعي، غير منهار.. ولو تحرينا الدقة، فهو أيضا ليس سعيدا، ولا رغبته في الحياة عالية.. الرجل على حافة.. ولا أدري هل الإسم مقصود أم أنها الصدفة، لكن "الكوثر" إسم المصحة، وهو في نهاية الكتاب يعترف بأنه يحبها، ويشتاق لطقوس العلاج السلوكية هناك، جماعية أو فردية، يحفظ وجه وقصة كل نزيل هناك وكأنه أحد أٌقاربه.. إنهم أٌقرب له نفسيا وذهنيا من حياته الأصلية.
البطل ينشأ طفلا بالمنصورة، يحكي عن شوارع ومحطة قطار ومقابر أعرفها تماما، وتلك كانت نقطة ضعفي مع الرواية، العاطفة، هواء مدينتي الذي يسبح بين الفقرات. ينتقل البطل للعاصمة كخطوة مؤكدة بعد نجاح ملحوظ في الإقليم. وفي العاصمة يستمر النجاح المهني رغم ازدياد ثقل الحياة الشخصية. وهنا أتذكر أنني لم أستطع العيش في القاهرة عندما كنتُ في مثل سن البطل، لم يكن لي فيها وطن.. ربما هذا ما أنقذني من مصير الاكتئاب لاحقا، رغم أن البطل يخبرنا بأن سبب اكتئابه وراثي، وهو إرث مفرق بين اتجاهات البلاد كلها، حيث جَد نوبي، وجَدة منصورية، وأخرى قاهرية..
وعليه أيضا جاءت أحداث مصر كخلفية رئيسة موزعة على كل الحكايات. في عمله، على فيس بووك، في المصحة.. يناير.. يونيو.."يا أهالينا انضموا لينا.."
تنتهي الرواية على مشهدنا الحالي.. مؤكدا أن نسب الاكتئاب تزيد.. بائع الجرجير "يناكف" بائع الطماطم.. المعركة طاحنة حتى وإن رَكَدَ السوق.
فإذا هُدِمت الكوثر، أين سيجد هؤلاء راحتهم؟
علي عطا
#على_حافة_الكوثر
# نداء "يا طاهر" في الرسائل كان يصيبني بشجن وحميمية غامضين