ساندويتش الحلاوة

 كان يحب الحلاوة الطحينية، وكان يفرضها علينا كطبق للفطور، أو شطيرة تصحبنا إلى المدرسة والجامعة..

هكذا قلت لولدي الذي وقف يغسل أكواب وملاعق العشاء كما كان يفعل أبي، وكنت أخبز كعك النخالة للفطور. 

قال: ياااه جدو كان بيعمل لكم الساندويتشات؟

أجبته بنعم. نعم متأثرة. لم يصنع رجل فطورا لي في حياتي غيره. دائما ما تبرمت وسألته بسخافة كالأطفال، وكنت شابة في الجامعة: حلاوة ليه طيب؟ 

كل يوم أفض كيس الفطور النظيف، المرتب بعناية مهندس، أكون فوق مقاعد المدرج أو بينش المعمل، أفاجأ بورقة الزبدة الملفوف بداخلها شطيرة الحلاوة. يجن جنوني. أنا لا أحب الحلاوة، لا أقتنع بالطعام المسكر، لماذا لم يستبدله بالجبن او البيض كما طلبت منه مرارا. 

كان يرفع الجريدة أمام عينه وكأنني لم أقل شيئا. يحدث نفسه: غشيمة.. حد ما يحبش الحلاوة؟.. دا حتى اسمها حلاوة. 

ذات يوم تذمرت بنبرة أعلى من المعتاد حينما لمحتُ ورقة الزبدة في الكيس. هاجت شريكتي في تجربة المعمل وقالت: ما تاكلي وانت ساكتة، كل يوم تقرفينا بساندويتش الحلاوة.. ارميه، أو رجعيه بيتكم.. 

تعجبت من فظاظتها، قلت جملتين أو ثلاثة تعني: وانت دخلك ايه؟

قالت رفيقتنا الثالثة: شيراز باباها ميت.

وقفت بين غضبي واندهاشي، وبين كراهيتي لشطيرة الحلاوة. عدت للبيت ورأسي يكرر الموقف على مسامعي ساعة وساعة. في الصباح نظرت لوجه أبي مطولا، للشامة القاتمة الصغيرة تحت عينه، لاصابعه السمراء القوية تتصرف برفق ومحبة مع الخبز والحلاوة. جفل عندما رآني بجانبه، قال: بلاش؟

أجبته بهدوء من عاد من الظلام فجأة: لا، سيبه، حبيت الحلاوة خلاص..