أخبار الأدب، شهادتي حول التحرير الأدبي

أخبار الأدب .. 

20 مايو 2017

شهادتي عن التحرير الأدبي:

هل نمتلك تحريرًا أدبيًا حقيقيًا في دور النشر العربية؟ وما هي طبيعة عمل المحرر الأدبي في تقديرك؟ 

بما أنك ذكرتَ كلمة "عربية"، هل منظومة النشر والتوزيع، والنقد، والقراءة الجماهيرية، في منطقتنا العربية، تشبه مثيلاتها في بلاد أخرى تحترف هذه الصناعة؟. لنكن منصفين، الأمر لا يتعلق بالتحرير فقط. نعم لدينا في مصر الخبرة والتاريخ في مجال النشر، ولكن معايير، وأغراض، الإخراج الدرامي والفني للكتاب، والدعايا المناسبة له، وعلاج مشكلات التوزيع، بالشكل الحديث المتداول عالميا، لم نصل إليها، أو، لم تصل إلينا. 

حتى عامين مضيا لم أكن أعلم أن في الحياة ما يسمى بالـ Editing Book، ذلك عندما قام أحد النقاد بوصف مجموعة قصصية، كانت مؤلفتها قد دفعت بها إليّ مسبقا، لقراءتها كـ"درافت أخير"، قال:"بها مواضع مترهلة مملة، وبعض القصص وكأنها لا تنتمي للمجموعة"، التشخيص:"عيوب تحرير". العلاج:"لو أن في مصر محرري أدب محترفين لخرجت هذه المجموعة للنور بشكل أفضل". ما أثار دهشتي أنني تضايقتُ من رأيه أكثر من المؤلفة، التي تقبلته بعقلية مرحّبة تماما. حين ناقشتُها، أفهمتني أنني ضمن ثلاثة، قمنا، مجازا، بالتعديل، والتخريج الدرامي لكتابها، عبر آراءنا ونصائحنا، وأن هذه المراجعة في الخارج تُدْعَى تحريرا أدبيا، وأنها تُجرى بشكل أكثر احترافية ودقة مما يحدث هنا. وربما هذا ما ضايقني، أن الناقد همزني فيما قمتُ به. 

حين جاء دوري مع النشر، دفعتُ أنا الأخرى بـ"درافتي الأخير" لأناس أثق في ذائقتهم الأدبية، ورؤيتهم للنصوص. كان هدفي أن نتلمّس عيوب روايتي، فنحذفها، أو نعيد بناءها، قبل أن توضع على طاولة التشريح الأكبر. تفاوتت الآراء ما بين:"رائع، براڤو، إنه لقول فَصْل"، وبين:"هذا كارثي، ذاك متضخم معيب، إنسِهِ ثلاث سنوات حتى تنضجي ثم انشريه..وهكذا". وهناك من ملكتهم تصاريف أقدارهم فهنئوني على الانتهاء من الكتابة، واعتذروا لي، مخلصين، عن المهمة. حاولتُ مع الرواية بنفسي بعدها قدر المستطاع، ثم عهدتُ بها إلى دار الثقافة الجديدة، ومن حسن طالعي أن قرأها أستاذ صنع الله إبراهيم. تناقشنا في حجم الرواية، ونصحني بتقسيمها لأجزاء. صحب ذلك التقسيم تخفيضا لبعض مساحات الوصف، وزيادة بعضها، تبعا لهدفنا الرئيس من السرد. ثم جاءت مرحلة التدقيق اللغوي، وكان لمدقق الدار ملحوظات إعتراضية، أو استيضاحية، على بعض الألفاظ والعبارات. دارت بيننا حوارات حول جدوى بعض الفصول، عناوينها، ترتيبها. تلك المرحلة كانت الأخف والألطف، عالجت كثيرا من توتري، وهيأتني لمقابلة التجربة بقلب مستعد. ومع ذلك بعد النشر كانت هناك لمزات نقدية حول التحرير الأدبي..لا مفر.

هل أقبل أنا ككاتبة أن يتدخل المحرر في عملي بالحذف أو الإضافة؟

نعم، أقبل، على أن يعمل المحرّرمن داخل النص، من روحه، لا من صوته الشخصي كمشروع ناقد، أو حَكَمٍ منفصل يتسلط على الخامة من خارجها. من المفترض أنني سأسلمه (قماشة) وأطلب منه النصح والدليل. سيقف بجوار النسيج الفضفاض، يلمسه، يتمكن من نوعه جيدا، ومن ثم يقرر لي، ومعي، أنه يصلح ليكون ثوب سهرة، أو بدلة عمل، أو لا يصلح بتاتا. نشرع بعدها في النحت، والقصقصة، والإضافة..نعم..سأحب ذلك.

داليا أصلان